المواطن/ كتابات : قادري أحمد حيدر
بدون إهداء:
إلى العدو التاريخي لنا كيمنيين (السعودية)، إلا لمن ترى مصالحه الخاصة غير ذلك، وإلى الدويلة القزمة (الإمارات)، التي تتنطع دوراً ومكانة (استعمارية)، أكبر منها. اليمن شعبا وتاريخا وحضارة، كان وما يزال مقبرة الغزاة . أتركوا بلادنا ونحن كفيلون بتحرير أرضنا، ومن مقاومة جميع صنوف الاستبداد: السياسي، والديني (السني/ الشيعي)، وقادرون لوحدنا على استعادة الدولة ولو بعد حين. كان لدينا الانقلاب الحوثي/ صالح، واليوم لدينا أكثر من أربعة وخمسة انقلابات موزعة على كل الجغرافية الوطنية.
وجودكما على أرضنا سبب لمزيد من استمرار الانقسام السياسي والاجتماعي والوطني، وسبب حقيقي لغياب الدولة.. بقاؤكم أكثر على أرضنا سيمنع نبات العشب فيها، وسيحول دويلات سلطات الأمر الواقع، إلى واقع مستدام، في صورة دويلات المشايخ والقبائل والسلاطين والأئمة الجدد، أسوأ مما كان في الزمن الاستعماري والإمامي.
مشاريعكم الفاجرة لن تمر.. لن تمر.. لن تمر.
فمن قرابة عقدين من الزمن دخلتُ في مناقشة سياسية منطقية (شكلانية) مع سياسي قيادي في حزبنا الاشتراكي اليمني حول ضرورة أن نعيد النظر في مفهوم “العدو التاريخي/ السعودية”، وحتى اللحظة لا أجد ما استجد من تحولات سياسية/ موضوعية، تاريخية، تستدعي إعادة النظر في ذلك المفهوم، إن لم يكن ما هو حاصل من بعد ثورة فبراير 2011م، وحتى اليوم، يؤكد أن مفهوم واصطلاح “العدو التاريخي” ما يزال يكتسب مصداقيته، وواقعيته، وشرعيته الفكرية والسياسية والوطنية، قياساً للدور السعودي التخريبي والتمزيقي لوحدة الأرض والدولة والإنسان.
إنتهى بدون إهداء.
أما دعاة مقاومة العدوان بالعدوان على الداخل (افقاره وتجويعه) أو من يتكلمون عن استعادة الدولة من خلال أعداء الدولة، ومن يناصبونها العداء في الداخل والخارج، فإنهم لا يبحثون حقيقة سوى عن مصالحهم الشخصية. كلاهما وجهان لعملة فكرية سياسية واحدة بأوجه متعددة، مهما ادعيا اختلافهما أو تناقضهما، وهو خامساً.
وهم جميعاً بلا خيال سياسي/ وطني إبداعي لأن قرارهم ومصيرهم ليس بيدهم ، بل بيد من يمولهم ويدفع رواتبهم ويحركهم وفقاً لمشيئته، همو هو. ومن هنا أزمة علاقتهم بالداخل الوطني، وبالخارج الاحتلالي معاً ، ولذلك همو
مسلوبو الإرادة، وهو سادساً.
وهم جميعاً بلا خيال فكري وسياسي وخاصة قيادات الأحزاب – لأنهم تخلوا عن رؤيتهم النظرية/ الفكرية والسياسية، وتمنطقوا بالعقل السياسي البرجماتي، في أفقه المصالحي(الخاص)، والعابر، ولذلك نجدهم، وإن همو لم يتماهوا كلياً مع المنطق السلالي والاحتلالي والقبلي ، والمناطقي / القروي، ولكنهم -أو البعض منهم على الأقل من بيدهم قرار قيادة الاحزاب- يقف واقعيا على مسافة واحدة منهم جميعا، في محاولة منهم لمسك العصا من الوسط. ذلك لأن هذا البعض، قد تساكنوا واستمرؤوا المعطيات المفروضة عليهم، بل وهناك من يتبنى طروحات بعض هذه الجماعات المعادية في ممارساتها الفكرية والسياسية، وفي مواقفها الضدية من قضية بناء الدولة، بصرف النظر عن الشعارات الخلبية البراقة – كما سبقت الإشارة – حول استعادة الدولة ، أو تقرير المصير، أو مقاومة العدوان ، وهو سابعاً.
إن التحريض والتحشيد والتجييش، المذهبي/ الطائفي، والقبلي/ القروي الذي يتكئ على الغرائز البدائية المتوحشة، المعادية للسياسة وللعقل السياسي الديمقراطي، هو الذي يحركهم ويتسيد الخطاب العصبوي المنفلت اليوم من قبل الجميع – بدرجات متفاوته- الخطاب الذي يوظف القضايا العادلة، (القضية الجنوبية/استعادة الدولة، مقاومة العدوان)، لخدمة الباطل، ويوظف العقل ضد المصالح الموضوعية والعقلانية للمجتمع في حركة تقدمه التاريخي، وهو ثامناً.
إن أحد أوجه أزمتنا/ مشكلتنا اليوم، أن قيادة الحركة السياسية الديمقراطية استقالت عن دورها التنظيمي والسياسي، والوطني، وتحولت إلى أداة بيد الغير (الخارج) تحت مسمى “تحالف دعم الشرعية”، أو غيرها من التسميات، التحالف السعودي/ الإماراتي، الذي يدمر في كل لحظة الصلات السياسية والثقافية والروحية (الذاكرة التاريخية)، لنا كيمنيين، ويسعي جاهداً وبعقل سياسي منظم وممنهج لتدمير الوحدة الوطنية على صعيد كل شطر والوحدة الوطنية التاريخية بين الشمال والجنوب ويسير بنا موضوعيا وفعليا، باتجاه استكمال تدمير ما تبقى من البلاد، وليس الدولة فحسب.
والأهم أنهم يلغون ويصادرون الدولة بتنمية وتسمين دويلات ملوك الطوائف والمذاهب والقبائل والميليشيات، في كل مكان في البلاد، حتى صارت الميليشيات بعناوينها المختلفة، هي القوة الوحيدة المقررة على الأرض، بتواطؤ من التحالف الاحتلالي، بل وبدعم علني(سياسيا وعسكريا)، من بعض اطراف التحالف (الإمارات) .
وهنا نقول للدويلة القزمة/ الإمارات، التي تتوهم أن الدور والمكانة يصنعهما الريع النفطي، أو العمالة والتبعية للإستعمار. نقول لأولاد زائد تحديداً، إن تاريخ اليمنيين المشترك عبر الآف من السنيين هو من سيقاوم مشاريعكم الاستعمارية، ولا نحتاج معه لحمل السلاح أمامكم .. أنتم أصغر من ذلك بكثير.
أتمنى على أولاد زائد أن يكفوا ويتوقفوا عن اللعب والتسلية بدماء العرب من فلسطين، إلى السودان، إلى ليبيا، إلى اليمن.
اليمن سيعود موحداً، ولكن ليس على قاعدة “الضم والإلحاق” و”الفرع والأصل” و”الأم والبنت”، وإنما على أصل خيار المواطنة، والمساواة، والعدالة، وحرية الإختيار، الذي تنتظمه دولة الحق والحقوق والمواطنة المتساوية، وليس إعادة انتاج دولة المركز والعصبية الذي بدأ بالأفول مع ثورة فبراير 2011م.
اليمن مصيره ومآله السياسي والتاريخي عاجلاً أو آجلاً، هو الوحدة والتكامل/ ودويلتكم المصنعة استعمارياً مآلها الزوال، وستكون سياسة أولاد زائد هي معاول التفكيك والهدم لذلك الاتحاد، وهو ما لا نتمناه.
ومن هنا قولنا لبعض من في الداخل إن من يقول بالدولة واستعادتها، لايمكنه أن يقبل بتسمين عجول دويلات الميليشيات تحت أي تسمية وردت وجاءت.
إن رجل الدولة الحقيقي، والقائد السياسي الوطني الذي يحترم نفسه، أيا كان إسمه، لا يقبل بدعم ميليشيات خارج الدولة، فما بالكم بميليشيات مدعومة وممولة من دولة اجنبية، بل ومن دول عديدة اجنبية معادية لمصالحنا الوطنية، بل وحتى لمصالحنا القومية التاريخية. أنظر ماذا تفعل وتمارس اليوم الامارات والسعودية من دور تخريبي وتدميري للقضية العربية الفلسطينية في اعلان تحالفها السياسي غير المقدس مع الكيان الصهيوني لتمرير”صفقة القرن” .
ومن غرائب وعجائب الدهر واهواله أن نسمع حديث مقزز ومخجل للقيادي السلفي/الجهادي، (التكفيري)، هاني بن بريك، أحد القيادات العليا في المجلس الانتقالي الجنوبي، يتبرع في تقديم خطاب تطبيعي، هي رسالة علنية فاضحة للكيان الصهيوني، بأننا في المجلس الإنتقالي لسنا ضدكم ولانختلف معكم في كل ما تقومون به فقط ادعموا خيارنا في الانفصال ونحن معكم مادمتم لاتعادوننا كقضية جنوبية، (وما خفي اعظم) .خطاب بائس يعكس بؤس الرؤية، والموقف من كل شيئ ، قد يبدو للبعض أنه خطاب مجاني وبدون ثمن، على أنه ليس كذلك، هو تنفيذ لمشيئة وإرادة الممول والمحتل الإماراتي/السعودي.. فالتابع في احسن الأحوال لايمكنه أن يكون سوى مقلدا للمتبوع(سيده)، ونقطة على السطر.
إن الدولة العربية الاسلامية تاريخيا، وحتى في فترات ضعفها، وبروز ظاهرة الأطراف فيها، خاصة في أواخر الفترة الأموية وبداية العباسية، كانت لاتقبل بالخروج عليها، وقاومت وقاتلت كل حركات التمرد على الدولة. فما بالنا ونحن نتحدث عن الدولة الحديثة المعاصرة، ونحن ندخل ونعيش السنوات الأولى من العقد الثالث من الألفية الثالثة.
واذكر هنا أن (الحاجب المنصور)، الحاكم الفعلي للأندلس، في ذلك الحين من الزمان القديم، خرج عليه ابنه عبدالله، فجهز له قوة عسكرية نظامية بعشرات الآلاف، تتبع الدولة ضد مشروع دويلة (ابنه)، وأسقطها، وأعدمه وصلبه، وعلق جثته، ومنع إنزالها، كرامة لهيبة الدولة.
اليوم دويلة صغيرة أجنبية، وتحديدًا الإمارات، تمنع وجود وقيام الدولة، في المناطق المسمى زوراً محررة!! وتحاصر مؤسسات الدولة، وتجمد المؤسسات الاقتصادية والمالية، وتمنع ما تبقى من الدولة من توريد مصادرها، أو الشروع في بناء جيش وطني، وتخلق في موازاته جيوشاً من الميليشيات القبلية والقروية والسلفية والمذهبية، ضدا على أي إمكانية لوجود الدولة، وتجعل من المدينة عدن، مدينة التسامح والحوار والسلام تعيش أسوأ فترات تاريخ الانحطاط، باتجاه تحويلها لمدينة مدججة بالعنف، والقتل والسلاح، ضد بعضها البعض، ولوضع الكل اليمني ضد بعضه البعض، حتى أننا نجد بعض القيادات “التقدمية جدا” تقول “هذه حقنا” “قوتنا” وهم هنا يقصدون الميليشيا.. وكأنهم يستقوون بها وباللحظة السياسية المأساوية والاستثنائية القائمة على وطنهم، وعلى تماسك ووحدة أحزابهم التنظيمية، والسياسية، والوطنية لأن التقسيم والتمزيق لبنية الدولة الوطنية، مهما كان ضعفها، وخطاياها، يستتبعه بالضرورة تشطير وتقسيم لبنية الأحزاب الوطنية .. والبداية هي تخلي البعض عن الهوية اليمنية في تسمية الأحزاب، وإعتبار الهوية اليمنية زائدة عن الحاجة على طريق اكتشاف جديد للذات وللهوية، أو هي خطوة –كما يتوهمون- لاستعادة الذات المفقودة، وهو قمة الجهل بالسياسة والثقافة والتاريخ، تحت وهم الاحتماء بالجغرافيا المجردة (الخرائط)، في مواجهة التاريخ الحي للشعب، وبالنتيجة تدمير الذاكرة التاريخية لنا كوطن وشعب كما هو الحال مع البعض، وكله باسم “التقدمية”، و”الاستقلالية”و “تقرير المصير” .
اليوم نسمع عن وزراء في الحكومة المسماة زوراً “شرعية” يقدمون استقالاتهم لأسباب وطنية ضد العبث والتدمير الذي يمارسه طرفا الاحتلال السعودي/ الإماراتي، ولم نسمع عن قيادات حزبية، هي أصلاً مستقيلة عن دورها التنظيمي والسياسي والوطني، تبادر لتقديم استقالتها للسبب نفسه، لأن درجة احساسها بالمسؤولية الوطنية (موت الضمير)، وصل حد العجز الكامل على كافة المستويات، فهي حتى لم تجرؤ على اصدار بيان إدانة سياسية وطنية واضح ضد ما يسمى “التحالف”، وما يمارسه من انتهاكات للسيادة الوطنية في كل المناطق المسمى كذباً “محررة”!! وصولاً إلى احتلاله بالقوة العسكرية لمحافظة سقطرى ، بل ولكل المحافظات عملياً.
هذا وزير النفط أوس العود، طفح به الكيل بعد أن تجاوز الدور الاستعماري للاحتلال السعودي/ الإماراتي ، فوق كل ما كان يتصوره عقل .. وجاء في نص استقالته التالي: “لا يشرفني البقاء في حكومة مسلوبة الإرادة، ومغيبة القرار، وخارج الوطن، في ظل تطورات تستهدف الثوابت الوطنية من السيادة باحتلال المنشآت النفطية ورفض تصدير النفظ، ودعم واضح للانقلاب في جزيرة سقطرى قبلة اليمن السياحية” .
وزراء يقدمون استقالاتهم احتجاجا على تحول “التحالف” إلى حالة وظاهرة استعمارية كاملة الأوصاف والأركان، ويخجل بعض قيادات الأحزاب من إدانة التحالف الاستعماري بكلمة وطنية واضحة، وهو قمة الانحطاط والانهيار السياسي والاخلاقي والوطني.. ما يحصل ليس تبعية للخارج، بل هو انتقال من العمالة للخيانة الوطنية المكشوفة، وسيحاسبهم التاريخ على كل لحظة إهانة طالت اليمن، واليمنيين أرضاً وشعباً.
إن النهوض السياسي اليمني الوطني يبدأ من عدن، ومن صنعاء، ومن تعز، ومن حضرموت، ومن الحديدة، ومن شبوة وأبين، ومأرب، وإب ومن كل المدن اليمنية مرتكز الإستفاقة الوطنية، والمطلوب – من البعض في الداخل والخارج – حشر وتدجيج المدن اليمنية كلها بالسلاح، وبالجيوش القبلية/القروية والطائفية، ونشر وتعميم ثقافة الكراهية فيما بينها، ضدا على ثقافة الحوار والتسامح، والسلام، وبالنتيجة ضدا على وجود الدولة، التي أكدت عليها مخرجات الحوار الوطني الشامل، في جل مقرراته، وبنوده. ولذلك كان الانقلاب والحرب عليها، لإلغاء وتدمير العملية السياسية السلمية، وقطع المرحلة الانتقالية بالحرب، وهو ما نعيش تداعيات تفاصيله الكالحة اليوم.
إنهم جميعاً: الميليشيات ،وبعض قيادات الأحزاب ، والتحالف الاحتلالي، يقترحون علينا خياراً وحيداً، هو إما أن نصطف مع الميليشيات، أو أن نقف داعمين للاحتلال الاستعماري تحت مسمى “تحالف استعادة الشرعية والدولة”، مع أن الممارسة السياسية الواقعية تقول إن كليهما: الميليشيات والاحتلال، هما أول من يقف ضد مشروع بناء الدولة في كل مكان في البلاد/ عدن، وصنعاء، تعز، والحديدة، ومأرب، بل والسعي إلى عسكرة واحتلال بعض المحافظات الآمنة كما هو في “سقطرى” و” المهرة”، بعد أن جمدت الموانئ والمطارات لصالح الإمارات، والسعودية.
إننا أمام صناعة بائسة للخراب في كل البلاد.
استعلاء سياسي زائف من قبل بعض قيادات الأحزاب على الوطن والشعب، الشعب الذي يموت فقراً وجوعا، وكورونة، وينتفخون هم تخمة، مالاً، وقصوراً في الخارج، يوازيه ويكمله استعلاء عنصري/ سلالي، وصل حد قوله بحقه في “الخمس” وبأن “الولاية العامة له حصراً”، بنص ديني، كما يزعم هذا من جانب، واستعلاء إحتلالي إستعماري على السيادة الوطنية وتفكيك للأرض اليمنية، وتمزيق لنسيجها الاجتماعي والوطني، واهدار لكرامة الإنسان اليمني، من قبل ما يسمى “التحالف”، وهذا من جانب آخر.
وكأن مهمتهم جميعاً تتلخّص في فرض استمرار منطق الحرب الداخلية بدعم خارجي إلى أن يضعف كل المجتمع، وتنهك وتدمر قواه المدنية الحية، ليعاد ترتيب اصطفافه وتشكيله بعد ذلك بما يخدم أجندات لا صلة لها بالمجتمع والناس، والدولة، وهو عمليا ما يحصل منذ أكثر من أربع سنوات.
لا أعتقد أننا مررنا في كل تاريخنا السياسي والاجتماعي والوطني، منذ القدم حتى مع الاحتلال الحبشي، والفارسي، والبرتغالي والعثماني، والبريطاني، بمثل ما نحن فيه اليوم من مأساة وطنية .. وبمثل هذه الرخاوة الفكرية، ومثل هذا الانحدار الاخلاقي، وإلى هذه الدرجة من انعدام المسؤولية التي انمحت فيها لدينا – قيادات الأحزاب – حتى القدرة على الشكوى، ورفع بيانات التظلم، والرجاء لرفع الغبن والقهر عن اليمنيين .
علينا الإقرار أن الإنقلاب، والحرب هما أس البلاء (البداية)، الذي استكملت “المشكلة اليمنية” معها عمق استغلاقها علينا كيمنين، بعد أن سد الانقلاب والحرب ( الحوثي /صالح ) في وجهنا جميع ابواب الحل، أو التسوية السياسية الوطنية الممكنة، بعد أن استثمر الإحتلال بشقيه: السعودي/الإماراتي، فرصتهما التاريخية عبر فائض الريع النفطي، وفائض الحقد التاريخي ضد اليمنيين، فضلا عن واقع أزمة التحولات السياسية الحاصلة في المنطقة العربية، وتحديداً وخاصة، في دول الخليج، ( مجلس التعاون الخليجي)، ليدخلوا اليمن، واليمنيين: سياسةً، ومجتمعً، واقتصاداً، ودولة، في دوامة دائرة سجال حربي، قديم/جديد (مستدام)، في صورة تجلياته المأساوية الراهنة. وهو ما نعيشه منذ خمس سنوات.
لقد وجد الاحتلال المسمى زورا وكذبا “تحالف”، في التداعيات الإنقلابية المدمرة على العملية السياسية السلمية، والمرحلة الإنتقالية بغيتهم (فرصتهم التاريخية الإستثنائية التي لن تتكرر)، ومادتهم الخصبة، ليستكملوا انتقامهم من اليمن واليمنين.
وهو اليوم كما يبدو انتقام، مركب”مزدوج”، صادر من بعض الداخل، ضد الداخل ، ومن الخارج، ضد داخلنا الوطني المقاوم.
وليس الحديث عن “الخُمس”، “القانون” المخالف في أحد مواده للدستور، والذي يقول منطوقه بصريح العبارة إن اليمنيين ليسوا اكثر من عبيد في دويلة”السادة” ، سوى أحد مظاهر تجليات، “المشكلة اليمنية”،في عمقها التاريخي.وهو ما لم ولن نقبل به ولو على جز أعناقنا.
“فمتى أستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار” (عمر ابن الخطاب)، وهو ما أخذته عنه المواثيق والنصوص الدولية في تشريعاتها لقضايا حقوق الانسان .. ناهيك عن أن مرجعنا ومصدرنا المقدس القرٱن الكريم – وليس المسيرة السياسية “القرآنية” للجماعة الحوثية- القرآن الذي يرفض وينكر بل ويحرم التمييز العنصري/السلالي في معظم ٱياته، لأن أمة الاسلام متساوية كأسنان المشط، وجعل التميز، فقط بالتقوى، والعدل” إن أكرمكم عندالله أتقاكم”.
وفي تقديري أن كل هذا العنف والتوحش العنصري ما كان ليحدث ويكون، ويستمر بكل هذه الصفاقة لولا صمتنا الفاجع والجبان (الخوف من الحرية)، على كل ما يحصل منذ قرابة خمس سنوات، لأننا فقدنا بوصلة الرؤية السياسية والوطنية التاريخية.
ومن لا يرى كل هذا العبث المجنون بالبلاد والشعب والتاريخ، الذي فاق كل التوقعات ، من لا يرى ذلك من النخب الثقافية، والسياسية، والمدنية، والحقوقية، والقانونية، فهو مشارك سياسيا، وفعليا في كل ما يحصل في الوطن، شمالاً وجنوباً.
اليوم كل الشعب – غالبيته العظمى – يعيشون وطأة الذل، ومرارة اهدار الكرامة الوطنية والانسانية.
هل سنتحرك خطوة سياسية عملية للأمام؟
متى نبدأ رحلة النهوض الوطني الجامع لكل اليمنيين، ككتلة سياسية اجتماعية تاريخية؟.
من يقرع الجرس؟.